أخر الاخبار

وظيفية وحركية السكن بقطاع التعليم

أحكام القضاء المدني أو الإداري لم ترق إلى المأمول من وراء وظيفية وحركية السكن بقطاع التعليم

يسقط الحق في شغل السكن بصفة وجوبية في أي من أملاك الدولة (الأملاك  المخزنية)، أو أملاك البلدية أو الأملاك المكتراة  المعدة لفائدة مصلحة عمومية بصفة رئيسية تبعا لمقتضيات عدد من المذكرات التأسيسية والتنظيمية، خصوصا الفصل 13 من القرار الوزيري  الصادر بتاريخ 19 شننبر1951، كما وقع تغييره وتتميمه، وكذا قرار الوزير الأول عدد 3.89.77 الصادر بتاريخ 5 أبريل1977 بشأن النظام الخاص بالموظفين المسكنين، كما أن منشور الوزير الأول عدد 69/16/د، الصادر بتاريخ21شتنبر1994 المتعلق بالاستمرار في شغل المساكن الإدارية والوظيفية من طرف موظفين أو أعوان  بعد الانقطاع عن العمل يحدد الأسباب الموجبة للإفراغ في ست حالات هي  الاستقالة والإعفاء والانتقال للعمل بمدينة أخرى والتوقف المؤقت عن العمل ثم الإلحاق و الإحالة على التقاعد، وفي حالة المخالفة تطبق في حقه الإجراءات التأديبية ، أو يلزم بالخضوع لمراجعة السومة الكرائية بما يتوافق وحقيقة سومة الكراء الحقيقية، أو إتباع المسطرة القضائية، كما قد تطبق هذه الإجراءات مجتمعة أو منفردة في حق المخالف لذلك.

القضاء والإدارة التربوية

بخصوص إتباع المسطرة القضائية، فقد خولت المذكرة 60 الصادرة بتاريخ23 مايو2005 والمذكرة67 الصادرة بتاريخ 23 يونيو 2004، وكذا المذكرة 129 الصادرة بتاريخ 30 دجنبر 2005، مديري الأكاديميات صلاحية رفع الدعاوى أمام القضاء، ويرجع اختصاص البت في دعوى إفراغ السكن الإداري والوظيفي إلى قاضي المستعجلات بالمحاكم الابتدائية المختصة ترابيا  في ذلك، وسبب إسناد ذلك إلى قاضي المستعجلات في هذا النوع من القضايا هو توافر عنصري الاستعجال والجدية، وعدم المساس بجوهر الحق، وهو ما يخوله الاختصاص في إصدار أوامر الإفراغ في هذه النزاعات، حيث أن عنصر الجدية يتجلى في الحاجة الأساسية والمستعجلة للإدارة في إسكان موظفين آخرين لهم الحق في ذلك، إذ تجد الإدارة نفسها ملزمة إما بتمكين  صاحب الحق الإداري والقانوني من المسكن الوظيفي، أو منحه التعويض المناسب في ذلك في حالة التعذر الفعلي في الإسكان.

المحكمة تلزم الإدارة بالتعويض 

شرع القضاء فعلا في النظر بشكل مغاير في دعاوى الموظفين الذين حرموا من الحصول على سكن وظيفي، إذ نجد في إحدى الوثائق التوجيهية للوزارة حالات قضائية نموذجية كالتالي: «ويمكن الاستدلال في هذا المجال بالحكم القضائي رقم 168 الصادر عن المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ19/5/2004 ضد وزارة التربية الوطني في قضية بوركني الحسين في الملف عدد336/12/2003 المؤيد بواسطة قرار المجلس الأعلى عدد 1081 المؤرخ في 27/12/2006، والذي قضت فيه المحكمة السالفة الذكر بالحكم على الدولة المغربية في شخص وزارة التربية الوطنية، بأدائها للمدعي تعويضا إجماليا قدره ثمانية وعشرون ألف درهم، وتحميل المحكوم عليها الصائر، معتبرة إقرار وزارة التربية الوطنية بمقتضى مذكرتها الصادرة بتاريخ 30/05/2000 تحت عدد 64 الحق في تمكين بعض الموظفين من السكن الوظيفي المخصص لهم، أو منحهم التعويض في حالة تعذر إسكانهم فعلا، يعتبر التزاما من جانبها تكون مجبرة قانونيا على تنفيذه”.
وعللت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء قرارها برفض الطلب في الموضوع المرفوع من لدن موظفة غيرت إطارها، وبالتالي غيرت المؤسسة التربوية التي تشتغل بها، وذلك في الملف عدد 1786/97 بأن السكن الوظيفي الملحق بمؤسسة تعليمية هو مخصص للموظف الممارس فعليا نشاطه المهني  بتلك المؤسسة، وترقية الموظف إلى سلم أعلى، مع تكليفه بمهمة لا علاقة لها بالمؤسسة الأولى تجعل الإدارة محقة في طلب إفراغه من السكن الوظيفي، والإنذار الرامي إلى الإفراغ لا يكون متسما بالتجاوز في السلطة.

ابتدائية وجدة تأمر بإفراغ النائب الإقليمي

من أهم  الأحكام الصادرة في السنة الحالية، والتي  شغلت الرأي العام التربوي بوجدة، قرار المحكمة الابتدائية بوجدة في الملف المدني عدد 2402/08 بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية ونائب سابق لوزارة التربية، وذلك بقبول الدعوى التي استمرت ثلاث سنوات تقريبا في تنقلها بين الابتدائي والاستئناف، ثم العودة بصيغة جديدة  إلى المحكمة الابتدائية، التي أصدرت أمرها في الموضوع بإفراغ المدعى عليه من السكن الوظيفي الكائن بوجدة، هو ومن يقوم مقامه. وجاء في حيثيات المحكمة أنه ثبت لديها من وقائع الدعوى أن المنزل موضوع الخصومة، كان قد سلم للمدعى عليه بحكم مهمته نائبا لوزارة التعليم، كما أن الأكاديمية وكذا النائب اللاحق، قدما للمحكمة شهادة إدارية تثبت أن السكن غير قابل للتفويت، لكونه سكنا وظيفيا، كما أن المادة13 من القانون 07.00 المحدث للأكاديميات وضعت المنقولات والعقارات التابعة للملك الخاص للدولة تحت تصرف هذه الأكاديميات، إضافة إلى أن المدعى عليه، لم يدل بعقد كراء بالمفهوم القانوني لعقد الكراء الذي يجمعه بالطرف المكري،علما أن المحكمة نظرت خلال تأملها في الوثائق العقارية التي تثبت أن السكن المتنازع عليه هو جزء لا يتجزأ من الأصول العقارية للنيابة التعليمية ، حين دافعت الأكاديمية بأنه كان عبارة عن مرفق إداري سابق.وفي الواقع، فان إشكاليات نظر القضاء المدني أو الإداري في ملفات السكن الإداري والوظيفي، لم ترق إلى المأمول من وراء وظيفية وحركية السكن كجزء من منظومة العمل اليومي للمؤسسة التربوية، وما يزال أمام الإدارة الشيء الكثير حتى تتساوى نسبيا عجلة السير الإدارية مع مثيلتها القضائية، في أفق استرجاع المرفق العمومي السكني في هذه الحالة، إلى أداء الدور الحيوي الذي عليه أن يلعبه، وفي مقدمته ضبط الثغرات الإدارية المتعلقة بتدبير السكن الإداري والوظيفي على مستوى نيابات وزارة التربية الوطنية.

محمد المرابطي (وجدة)
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-