أخر الاخبار

ماذا تعرف عن منهج مونتيسوري التعليمي؟

 

ماذا تعرف عن منهج مونتيسوري التعليمي؟ 

لن نجد مقدمة أو توطئة للموضوع الذي سنتطرق له اليوم أحسن من عبارة مونتيسوري الخالدة : “لقد اختلفت مع زملائي في اعتقادي أن الإعاقة العقلية تمثل في أساسها مشكلة تربوية أكثر من كونها مشكلة طبية“.

هذه القولة تمثل خلاصة و جوهر منهج مونتيسوري Montessori الذي سنحاول تسليط الضوء عليه في هذه المقالة، لنبدأ أولا ببطاقة تعريفية عن مونتيسوري ثم ننتقل بعد ذلك إلى محاولة الإحاطة بجميع جوانب منهجها التعليمي الذي لا يمكن أن يوصف إلا بكونه متميزا .

1 – من هي ماريا مونتيسوري ؟

الدكتورة ماريا مونتيسوري هي مدرسة و مربية ذات شهرة كبيرة على الصعيد العالمي، تمتعت بشخصية قوية، و هي كذلك أول طبيبة إيطالية اتبعت المنهج العلمي  في التعليم، فاستعانت لتحقيق ذلك بالملاحظة و المراقبة والتجارب و البحث العلمي معتمدة على دراسة تطور الأطفال و آلية تعليمهم .


ولدت ماريا مونتيسوري في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا سنة 1870 م، رشحت لجائزة نوبل للسلام ثلاث مرات لتوافيها المنية في هولندا سنة 1952 م . اهتمت بدراسة أعمال الطبيبين جان إيتارد و إدوارد سيجوان اللذان اشتهرا بأعمالهما عن الأطفال المعاقين، كما تأثرت بأعمال يوهان هاينريش بستالوتزي و فريديك فروبل و أيضا جان جاك روسو الذي يطالب بعودة الطفل إلى أحضان الطبيعة. لتتبنى مونتيسوري فكرة تربية الطفل وفق ميوله لتنميته روحيا و فكريا و حركيا عبر مجموعة أنشطة تلبي حاجاته و تنمي إمكانياته داخل مؤسسات متخصصة و طبقا لمواصفات و أهداف تعليمية دقيقة .


بعد ذلك أسست ماريا مدرسة للمعاقين أسمتها أورتوفرينكا و عملت مديرة لها لمدة سنتين، طبقت خلالها مبادئ سيجوان في تربية الأطفال ذوي الإعاقات العقلية، لتحقق نجاحا باهرا جعلها تكتشف أن هناك أخطاء كبيرة في طرق و أساليب تعليم الأطفال الأسوياء، لتقول مونتيسوري قولتها المشهورة :

بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي ذوي الاحتياجات الخاصة كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء  الأطفال الأسوياء في ذلك المستوى الضعيف من التعليم.
لذلك خلصت إلى أن الطرق التي نجحت مع المعاقين لو استعملت مع الأطفال العاديين فلا شك أنها ستنجح نجاحا باهرا،  لتصمم على بحث الأمر دراسته من جميع الوجوه.

2 – منهج مونتيسوري التعليمي في سطور :

اتبعت منتسوري الطريقة العلمية لمراقبة النظام البيولوجي لنمو الأطفال بهدف تصميم منهج تعليمي يراعي الإمكانيات و الخصوصيات الفردية لكل طفل، و يتجلى أساس هذه الطريقة في توفير وسائل التربية الذاتية في بيئة الطفل، و يشترط فيها أن تكون طبيعية قادرة على إثارة اهتمام الطفل.
وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى القاعدة المنتسورية التي تقول : ” يساعد النظام الخارجي في بناء النظام الداخلي “و تطبق هذه القاعدة في الفصول من خلال تجهيز أدوات التعليم بحسب المواضيع التعليمية، وتنظيم الأدوات بحسب تتابع تقديمها من السهل إلى الصعب ومن الرمز إلى المجرد.


التعليم حسب منهج مونتيسوري التعليمي يجب أن يكون فعالا و داعما و موجها لطبيعة الطفل، باستخدام نظام بسيط من التعليم و الابتعاد عن تراكم المعلومات و التلقين و الحفظ، لأن الطفل يجب أن يتعرف على العالم من حوله من خلال حواسه.
و بتعبير آخر و باختصار، يمكن القول أن منهج مونتيسوري هو منهج تعليمي يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، منهج يؤكد على ضرورة أن تهتم العملية التربوية بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية و العقلية و الروحية و الجسدية الحركية، لمساعدته على تطوير قدراته الإبداعية و القدرة على حل المشكلات و تنمية التفكير النقدي وقدرات إدارة الوقت وغير ذلك من الأمور .

3 –  نقط أساسية في منهج مونتيسوري التعليمي :

هذه، إن شئنا القول، أفكار قد تلخص لنا بعض سمات منهج مونتيسوري التعليمي :

  • تعتبر أفكار مونتيسوري مزيجا متوازنا بين العقلانية و العملية .
  • الحرص على حرية الأطفال في الاختيار و الحركة و ليس التقليد المباشر .
  • من خلال البيئة المعدة، تتوفر لنا إمكانية التحكم فيما يتعلمه الطفل.
  • يتجلى دور المعلم في عدم التدخل و في قيامه بالقيادة نحو التعلم.
  • بفضل الأدوات التعليمية يتفاعل الطفل مع المعرفة عن طريق حواسه .
  • المحافظة على اهتمام الطفل بتشجيعه و تزويده بمعلومات حول النقاط الأساسية ليتمكن من معرفة ما يجب عمله.

4 – مؤلفات ماريا مونتيسوري :

من مؤلفات ماريا مونتيسوري يمكننا أن نذكر :

  • الطفل في الأسرة
  • القوة الإنسانية الكامنة (To Educate the HumanPotential 1948)
  • اكتشاف الطفل (The Discovery of the child)
  • سر الطفولة (The Secret of Childhood 1936)
  • طريقه مونتيسوري المتقدمة (Method 1917-18 The Advanced Montessori)
  • من الطفولة إلى المراهقة.
  • المرشد في تعليم الصغار.
  • التربية من أجل عالم جديد (Education for a New World 1946)
  • التعليم من أجل السلام.
  • العقل المستوعب (The Absorbent Mind, 1949).
  • منهج منتسوري (The Montessori Method, 1912)

5 – فلسفة و مبادئ منهج مونتيسوري التعليمي :

تقول مونتيسوري بعدما نالت إعجاب المربين بتفوق تلاميذها : “إن نجاح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة و قدرتهم على مناقشة الأطفال العاديين إنما يرجع إلى عامل واحد فقط و هو أنهم تعلموا بطريقة مختلفة.”
هذه العبارة تلخص جزءا كبيرا من فلسفة منهج مونتيسوري لتربية الأطفال المعاقين و الذي يؤتي نتائج إيجابية مع الأطفال الأسوياء ومن أهم ركائز هذا المنهج :

  • التركيز على حرية و استقلالية الطفل ضمن حدود (حرية الطفل في اختيار الأنشطة و الوسائل التي يفضلها ضمن مجموعة من الأنشطة المحددة مسبقا).
  • احترام النمو النفسي الطبيعي للطفل .
  • الفصول تحتوي على أعمار مختلطة من عمر 3 إلى 9 سنوات.
  • الطفل في حالة تحول مستمرة و مكثفة سواء في جسمه أو عقله .
  • السنوات من 3 إلى 6 هي مرحلة بناء الفرد .
  • فلسفة التعليم عند مونتيسوري تؤمن بأن التعليم يجب أن يكون فعالا و داعما و موجها لطبيعة الطفل .
  • الطفل منظم : فصول المونتيسوري هادئة وآمنة و منظمة لتؤمن للطفل بيئة هادئة تدعم حاجته للتركيز و التنظيم.
  • يتعلم الطفل ذاتيا : يبني الطفل معرفته من خلال الاحتكاك والتفاعل الجسدي مع البيئة ليكون الصور الذهنية لديه، والتي ستكون لاحقا الأساس للتعليم المجرد .
  • يكرر الطفل النشاط أو التمرين الواحد عدة مرات حتى يتمكن من إتقانه.
  • منهج مونتيسوري هو أسلوب حياة تتبعه الأسرة كلها.
  • احترام الطفل هو أهم أعمدة طريقة مونتيسوري، عندما تحدث طفلك استخدم كلمات مثل “من فضلك” و”شكرا” و”عفوا”
  • احترام قدرات الطفل و إمكانياته و تقبل الاختلافات و الفوارق بين الأطفال .
  • تشجيع الطفل على تحمل المسؤولية  و المشاركة في المهام المنزلية و الأسرية.
  • سوف يتعلم الطفل كل شيء في أوانه – لا تقلقوا !

وهكذا يسعى نظام مونتيسوري إلى احترام شخصية الطفل، و إبعاده عن تأثيرات الكبار مع الحرص على تمتعه بقدر كبير من الحرية ركيزة هذا النظام. نظام تربوي مؤسس على اعتبار الطفل مشاركاً إيجابيا في إطار بيئة أعدت خصيصا له ، بيئة تتيح له فرص التحرك و اختيار الأعمال بتلقائية و استخدام حواسه الخمسة لاستكشاف العالم من حوله.

6 – حجرات و فصول التدريس في طريقة مونتيسوري :

جدير بالذكر أن بيئة التعلم حسب منهج مونتيسوري تقوم على ستة مبادئ و هي : الحرية الهيكلية و النظام و الواقعية (الطبيعة) و الجمال و الجو العام و حياة المجتمع. وهكذا فغرف التدريس في نظام منتسوري تراعي هذه النقط وعليه فهي بسيطة للغاية، جميع محتوياتها تناسب المرحلة العمرية للطفل، فلا وجود لسبورة و لا كتب، فالمتعلم هو المحور و ليس المعلم، وله حرية التعبير و ممارسة كل نشاطاته.
فيبدأ التعلم من سن الثالثة، تعلم الكتابة و القراءة و جرعات من العلوم و الرياضيات حسب عمر الطفل ودرجة استيعابه، إذ أن مبدأ التعليم في منهج مونتيسوري يعتمد على العمر العقلي للطفل و ليس عمره البيولوجي.
و على هذا النهج أسست مونتيسوري مدرسة للمعاقين و طبقت فيها مبادئ سيجوان في تربية ذوي الإعاقات العقلية، ونجحت نجاحا باهرا أدى بها إلى الاعتقاد أن هناك أخطاء كبيرة في طرق و أساليب التربية المتبعة في تعليم الأطفال العاديين .
ويرجع نجاح مونتيسوري إلى اهتمامها بهدفين أساسين، أولهما هدف ” بيولوجي ” و هو مساعدة الطفل على النمو الطبيعي، والآخر هدف ” اجتماعي ” و هو مساعدة الطفل على التكيف مع الوسط الذي يعيش فيه من خلال تدريب حواسه.

7 – مراحل النمو حسب مونتيسوري :

قبل ذلك يجب أن نعرف أن  ماريا مونتسوري اهتمت بثلاثة أشياء محورية في منهجها و هي صحة الأطفال و تربيتهم الخلقية و نشاطهم الجسماني. وهكذا قسمت ماريا مونتيسوري عملية التنمية البشرية للإنسان إلى أربع مراحل أساسية، تمتد من عمر الولادة و حتى عمر 24 عاما، و قد وضعت لكل مرحلة رؤية خاصة للخصائص و طرق التعلم و الأنشطة الضرورية.

المرحلة 1 : من عمر الولادة حتى 6 سنوات

شددت مونتيسوري على أهمية السنوات الست الأولى من حياة الطفل فهذه الفترة من حياة الطفل تتميز – حسب مونتيسوري – بكونها الفترة التي يتأقلم فيها الطفل مع من حوله، و تنقسم هذه السنوات إلى 3 مراحل و هي :
أ – مرحلة العقل المستوعب : حيث يتأثر الطفل بالبيئة المحيطة به وتشكل أساس تعلمه في المستقبل.


ب – الفترات الحساسة : تتميز بتكرار الطفل لأنشطة معينة حتى يتقنها.
ج – فترة الوعي الكامل : يطبق الطفل بوعي كامل ما سبق و اكتسبه من معرفة و مهارات.
وهكذا ترى مونتيسوري أن كل مشكلة عند الطفل هي بسبب المعاملة الخاطئة التي يتلقاها من الكبار، كالطفل الذي لم يتعوّد على الاستقلالية بحيث تنوب عنه المربية أو الأم في القيام بالعمل.
و في هذه المرحلة، لاحظت الدكتورة مونتيسوري أن الأطفال يميلون للاكتشاف و تنمية قدراتهم النفسية والجسدية، وعن أهم القدرات التي يجب أن تركز أنشطة مونتيسوري على تطويرها في هذه المرحلة نذكر مهارات اللغة و النظام و صقل الحواس و التركيز على السلوك الاجتماعي و تبني أهداف صغيرة.

المرحلة 2 : من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة

في هذه المرحلة، لاحظت مونتيسوري العديد من التغيرات النفسية و الجسدية على الأطفال وقد طورت بيئة الفصول و المواد الدراسية والمواد الطبيعية بما يتناسب مع هذه التغيرات، و من الصفات التي لوحظ تطورها في هذه المرحلة : الميل إلى العمل في مجموعات و تطور الخيال و الحس الأخلاقي و التنظيم الاجتماعي و القدرات الإبداعية و تشكيل الاستقلال الفكري.

المرحلة 3 : من عمر 12 حتى 18 سنة 

وهي بالأساس مرحلة المراهقة، وقد لاحظت مونتيسوري أن هذه المرحلة تتتميز بتغيرات جسدية مرتبطة بعمر البلوغ و ما يرافقها من تغيرات نفسية، و لهذا فالأنشطة يجب أن تراعي خصوصيات هذه المرحلة كعدم الاستقرار النفسي و عدم التركيز في هذا العمر و نمو شعور الكرامة و الاعتزاز بالنفس، و هذه المرحلة هي مرحلة بناء الذات – حسب مونتيسوري دائما – .

المرحلة 4 : من عمر 18 حتى 24 سنة

وهي مرحلة النضوج بالأساس، ولم تطور مونتيسوري أنشطة تعليمية لهذه المرحلة، لكنها اعتمدت منهجا للتنمية الذاتية لأشخاص نضجوا في ظل فلسفة مونتيسوري .

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-