أخر الاخبار

تحليل قصيدة إلى الشعر لنازك الملائكة

 

تحليل قصيدة  إلى الشعر لنازك الملائكة

 إلى الشعر 

نازك الملائكة

من بَخور المعابدِ في بابل الغابرهْ
من ضجيج النواعيرِ في فَلَواتِ الجَنوبْ
من هتافاتِ قُمْريّةٍ ساهرهْ
وصدى الحاصدات يغنّين لحنَ الغروبْ
ذلكَ الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوبْ
لحياتي, لسمع السنينْ
مُثخَنًا بعبيرِ مساءٍ حزينْ
أثقلتهُ السنابِلُ بالأرَجِ النَّشْوانْ,
بصدًى شاعريّ غريبْ
من هُتافاتِ ضفدعةٍ في الدجى النعسان
يملأُ الليلَ والغدْرانْ
صوتُها المتراخي الرتيبْ
**
ذلك الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوب
لحياتي, لسَمْع المساءْ
سيؤوبُ وأسمعُ فيه غناءْ
قمريَّ العُذوبةِ فيه صَدًى من ليالي المطر
من هدوءِ غُصونِ الشجر
وهي تمتصّ سَكْرى, رحيق السَّماءْ
الرحيقَ الذي عطّرتْهُ الغيومْ
بالرؤى, بتحايا النجومْ
**
سأجوبُ الوجودْ
وسأجمَعُ ذرّاتِ صوتِكَ من كل نَبْعٍ بَرودْ
من جبال الشِّمالْ
حيث تهمسُ حتى الزنابقُ بالأُغنياتْ
حيثُ يحكي الصنوبرُ للزَّمَنِ الجوّالْ
قصصًا نابضاتْ
بالشَّذى, قصصًا عن غرامِ الظِّلالْ
بالسواقي, وعن أغنياتِ الذئابْ
لمياهِ الينابيعِ في ظُلَلِ الغاباتْ
عن وقَارِ المراعي وفلسفة الجَدْولِ المُنْسابْ
عن خَروفٍ يُحسّ اكتِئابًا عميقْ
ويُقضِّي النَّهارْ
يقضِمُ العُشْبَ والأفكارْ
مُغْرَقًا في ضَبابِ وجودٍ سحيقْ
**
وسأجمعُ ذرّاتِ صَوْتِك من ضَحِكاتِ النعيمْ
في مساءٍ قديمْ
من أماسيِّ دِجلةَ يُثْقلُ أجواءَهُ بالحنينْ
مرحُ الساهرينْ
يرشفونَ خرير المياهْ
وهي تَرْطُمُ شاطئَهُمْ, وضياءُ القَمَرْ
قَمَرِ الصيفِ يملأ جوّ المَساءِ صُوَرْ
والنسيمُ يمرّ كلمس شِفاهْ
من بلادٍ أُخَرْ
ليلةٌ شهرزاديّةُ الأجواءْ
في دجاها الحَنونْ
كلّ شيءٍ يُحسّ ويحلُمُ حتى السكونْ
ويهيم بحبِّ الضياءْ
**
وسأسمَع صوتَكَ حيثُ أكونْ
في انفعال الطبيعةِ, في لَحَظاتِ الجنونْ
حينَ تُثْقل رجعَ الرُّعودْ
ألفُ أسطورةٍ عن شَبابِ الوجودْ
عن عصورٍ تَلاَشَتْ وعن أُمَم لن تعودْ
عن حكاياتِ صبيانِ (عادْ)
لصبايا (ثمودْ)
وأقاصيصَ غنَّتْ بها شهرزادْ
ذلك الملكَ المجنونْ
في ليالي الشتاءْ
وسأسمَعُ صوتَكَ كلّ مَسَاءْ
حين يغفو الضياءْ
وتلوذُ المتاعبُ بالأحلامْ
وينامُ الطموحُ تنامُ المُنَى والغَرَامْ
وتنامُ الحياةُ, ويبقى الزَّمَانْ
ساهرًا لا يَنَامْ
مثل صوتك, ملء الدُّجَى الوَسنانْ
صوتُكَ السهرانْ
في حنيني العميق
صوتك الأبديّ الذي لا يَنَامْ
فهو يبقَى معي سهرانْ
وأُحسّ صداهُ الملوّنَ يملأ كل طريقْ
بالشَّذَى بندى الألوانْ
صوتُكَ المجهولْ
أنا أدركتُ يا فرحتا سرّهُ المَعْسُولْ
أنا أدركتُهُ أنا وَحْدي وصمْتُ الزَّمَانْ
[ 1950 ]



تأطير القصيدة
العنوان : يتألف العنوان من جار و مجرور و يحيل للسفر في ذهاليز الشعر باعتباره فنا من الفنون القادرة على رسم معالم الحياة و سبل العيش فيها
جاءت كلمة الشعر من فعل شعر الذي تأتي بمعنى أحس , علم أو فطن وهو من حيث الاصطلاح فهو كلام منظوم على وزن مخصوص

 دلالة الصورة
تدل الصورة على المعاناة و الوحدانية و كل مشاكل الحياة التي قد يتعرض لها الإنسان فيلجأ إلى الفن للتخفيف عن نفسه و التعبير عن مشكله و همومه

 ـ فرضية النص
انطلاقا من المؤشرات الأولية المتعلقة بالعنوان و السطر الخامس و السطرين الأخيرين نفترض أن الكاتبة تتحدث عن عودة صوت الشعر إلى الحياة و ذلك أن الشعر يمتلك القدرة على التعبير عن الحياة و يسهم في عيشها بطريقة مختلفة

 ـ تحليل النص 
تتحدث الشاعرة في المقطع الأول عن مصادر الشعر و الإبداع المستوحات من عناصر الطبيعة و التاريخ المتخن بالمساءات الحزينة

ـ تنتظر الشاعرة عودة الشعر إلى ضياءه الأمر الذي سيخلصها من كل المتاعب و الأحزان لأن الشعر أمان
ـ وقوف الشاعرة على ضرورة الشعر في التعبير عن ألامها و امالها , و الرقي بها إلى مدارك العلم و المعرفة بغرض تبين سر الوجود

ـ الفكرة العامة : دعوة الشاعرة و سعيها إلى التقدم نحو الشعر لأنه السبيل الوحيد للتخلص من صمت الحياة عبر النظر في سنن الأولين و حياتهم

الحقول الدلالية
حقل الطبيعة : الحياة - المطر - الغروب - المساء - الضياء - صوت الضفدع - السنابل - الأرج - الليل الغدران
حقل الأحاسيس : حزين - ألم - الحنين - الطموح - الأحلام - الفرح - المتاعب - الغرام - حنيني العميق

ـ العلاقة بين الحقول : علاقة تكامل و انسجام و ترابط لأن الطبيعة مصدر من مصادر الإلهام ووسيلة لتفريغ المشاعر و الالام

وضعية التلفظ
المرسل : الشاعرة نازك الملائكة
المرسل إليه : القارئ أو المهتمون بالشاعرة عامة
الرسالة : ترغيب الناس في الشعر لماله من قدرة على التعبير و إخراجهم من صمت المساء إلى رحابة الخيال

أساليب النص و صوره
 ـ الاستعارة أسمع صوتك كل مساء حين يغفو الضياء
ـ الطباق : المساء و الضياء

 التركيب
بناء على ما سبق نخلص إلى كون الشاعرة نازك الملائكة قد عبرت عن موضوعها بطريقة شعرية مختلفة تمثلث في القصيدة العمودية الحديثة و هدفها من وراء ذلك إرجاع الشعر لمكانته و بيان دوره في بناء إنسان و تحقيق انسجامه مع نفسه و محيطه مستعينة في ذلك بصورة شعرية و أساليب لغوية و لغة مرمزة إبداعية ذات إيحاءات متعددة


تحليل قصيدة  إلى الشعر لنازك الملائكة
نازك الملائكة 


اللغة العربية، الثانية باك علوم فيزيائية، دروس النصوص : الدورة الثانية، الشعر - تحليل نص 'إلى الشعر' لنازك الملائكة

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-